الرد على الرافضة (الشيعة) في اتهامهم الصحابة رضوان الله عليهم وأهل السنة بتحريف القرآن الكريم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن بعض حمقى الروافض ممن أضلهم الله أراد أن يتهم الصحابة وأهل السنة بأنهم حرفوا القرآن، وهذا كما قيل (رمتني بدائها وانسلت)، فأخذ يجمع بعض مرويات قراءات الصحابة رضوان الله عليهم مما يخالف ما عليه الرسم العثماني اليوم؛ وذلك نحو قراءة عمر وغيره لقوله تعالى (فاسعوا إلى ذكر الله) (فامضوا)، وبعض ما نقل عن أبي بن كعب في قراءة بعض الآيات وغيرها، وجعل هذا من باب تحريف القرآن !!.
ولا شك أن هذا القائل جمع بين الجهل بهذه القراءات وأصولها، وبين الافتراء على الصحابة، والجواب عليه من وجهين:

الأول: بيان المقصود بالتحريف.
والثاني: بيان قراءات الصحابة رضوان الله عليهم وأنها من باب الأحرف التي نزل بها القرآن.


الوجه الأول:
المقصود بالتحريف:

اعلم أنه ليس المقصود بالتحريف هو أن يُقرأ القرآن بحرف يختلف عن الحرف الموجود في المصحف الذي بين أيدينا، وذلك أن المصحف الذي بين أيدينا هو على حرفٍ واحدٍ من سبعة أحرفٍ نزل بها القرآن - كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى -، وإنما المقصود أن يزاد أو ينقص أو يُغيّر حرف من القرآن بغير حجة ولا برهان صحيح ولا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يجعل فيه ما ليس منه كذباً وافتراء على الله، وهذا كزيادة الروافض في قوله تعالى (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) فزادوا (ما أنزل إليك من ربك في علي)، وكزيادتهم في سورة الانشراح (وجعلنا علياً صهرك)، وكزيادتهم سورة الولاية وغيرها مما هو مثبت في دواوينهم.
وتحريفهم للقرآن عليه شاهدان:
الأول: أنه مكذوب لا يستطيعون إثبات شيء منه بسند صحيح ولا ضعيف؛ لأن كتبهم لم تؤلف إلا في وقت متأخر.
الثاني: أنها حرفت المعنى واللفظ تبعاً لغلوهم و عقائدهم الباطلة في علي رضي الله عنه.

والتحريف للقرآن نوعان:
الأول: تحريف اللفظ: وهو أن يغيّر اللفظ ويبدّل من غير حجة كما سبق.
الثاني: تحريف المعنى: وهو أن يفسّر اللفظ على معنى باطل غير مقصودٍ.
والتحريف بنوعيه عند الروافض:
فالأول: نحو الأمثلة التي سقناها سابقاً.
والثاني: نحو تفسيرهم قوله تعالى (بإمام مبين) أنه علي، وتفسيرهم (البقرة) بأنها عائشة، وغيرها من حماقاتهم.


والوجه الثاني:
بيان قراءات الصحابة رضوان الله عليهم وأنها من باب الأحرف التي نزل بها القرآن.

اعلم أن القرآن قد أنزله الله سبحانه وتعالى على سبعة أحرف، فقد تختلف بعض الأحرف من قراءة صحابي لآخر، وتكون من إقراء النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وهي من الأحرف التي نزل بها القرآن، إلا أن المعنى لا يتناقض، وذلك نحو قراءة عمر وغيره لآية الجمعة (فامضوا إلى ذكر الله)، وقراءة أبي بن كعب وغيره لآية الليل (والذكر والأنثى)، وقراءة ابن مسعود لآية الكفارة (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، وقراءة عائشة لآية الصلاة الوسطى (حافظا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر)، وغيرها، والأدلة على أن هذه القراءات هي من الأحرف التي نزل بها القرآن كثيرة، وسوف أذكر الأحاديث التي تبين ذلك ثم أنقل من كلام أهل العلم ما تيسر:

فقد ثبت في الصحيحين عن عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه: أنهما سمعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
سمعت هشام بن حكيم يقرأ (سورة الفرقان) في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروفٍ كثيرةٍ لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلبّبته بردائه.
فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟.
قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت: كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها خلاف ما قرأت.
فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروفٍ لم تقرئنيها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله، اقرأ يا هشام.
فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت.
ثم قال: اقرأ يا عمر. فقرأت القراءة التي أقرأني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه.

وثبت أيضاً في الصحيحين عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف).

وثبت في صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب قال:
كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه. فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه.
فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرءا فحسّن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقاً وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقاً.
فقال لي: يا أبي، أرسل إلّي أن اقرأ القرآن على حرف. فرددت إليه: أن هوّن على أمتي. فرد إليّ الثانية: اقرأه على حرفين. فرددت إليه: أن هوّن على أمتي. فرد إليّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف. فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

وقد قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في معنى (الأحرف) (التمهيد) لابن عبد البر 8 / 281:
(وقالوا إنما معنى السبعة الأحرف: سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة؛ نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا الكثير من أهل العلم.
فأما الآثار المرفوعة فمنها - وساق بسنده- :
أن أبا جهيم الأنصاري قال: إن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال أحدهما: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الآخر: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر.
-وساق بسنده- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد ومطلع.
وروى حماد بن سلمة قال: أخبرني حميد عن أنس عن عبادة بن الصامت عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف.
وروى همام بن يحيى عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد عن أبي بن كعب قال: قرأ أبي آية، وقرأ ابن مسعود آية خلافها، وقرأ رجل آخر خلافهما، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: ألم تقرأ آية كذا وكذا كذا وكذا ؟.
وقال ابن مسعود: ألم تقرأ آية كذا وكذا كذا وكذا ؟.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم محسن مجمل.
قال: قلت: ما كلنا أحسن ولا أجمل.
قال: فضرب صدري، وقال: يا أبي، إني أقرئت القرآن. فقيل: على حرف أو حرفين ؟. فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين. فقلت: على حرفين. فقيل: على حرفين أو ثلاثة ؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة. فقلت: على ثلاثة. هكذا حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف قلت: غفوراً رحيماً، أو قلت: سميعاً حكيماً، أو قلت: عليماً حكيماً، أو عزيزاً حكيماً، أي ذلك قلت فإنه كما قلت.
وزاد بعضهم في هذا الحديث: ما لم تختم عذاباً برحمة، أو رحمة بعذاب.
قال أبو عمر -أي ابن عبد البر -: أما قوله في هذا الحديث قلت: سميعاً عليماً وغفوراً رحيماً وعليماً حكيماً ونحو ذلك؛ فإنما أراد به ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها أنها معان متفق مفهومها مختلف مسموعها، لا تكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف وجهاً خلافا ينفيه أو يضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده وما أشبه ذلك. وهذا كله يعضد قول من قال أن معنى السبعة الأحرف المذكورة في الحديث سبعة أوجه من الكلام المتفق معناه المختلف لفظه؛ نحو: هلم وتعال، وعجل وأسرع، وانظر وأخر، ونحو ذلك، وسنورد من الآثار وأقوال علماء الأمصار في هذا الباب ما يتبين لك به أن ما اخترناه هو الصواب فيه إن شاء الله - ثم سرد ما ذكر فراجعه في التمهيد- ).

وقال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الأحرف (تفسير القرطبي) 1 / 42:
(الذي عليه أكثر أهل العلم: كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي وغيرهم:
أن المراد: سبعة أوجه في المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة؛ نحو: أقبل وتعال وهلم.
قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف. فقال ميكائيل: استزده. فقال: اقرأ على حرفين. فقال ميكائيل: استزده. حتى بلغ إلى سبعة أحرف. فقال: اقرأ، فكل شاف كاف، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة. على نحو: هلم وتعال وأقبل، واذهب وأسرع وعجل. وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عم مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ (للذين آمنوا انظرونا ) ( للذين آمنوا أمهلونا) (للذين آمنوا أخرونا) (للذين آمنوا ارقبونا). وبهذا الإسناد عن أبي: أنه كان يقرأ (كلما أضاء لهم مشوا فيه) (مروا فيه) (سعوا فيه).
وفي البخاري ومسلم قال الزهري: إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، ليس يختلف في حلال ولا حرام.
قال الطحاوي: إنما كانت السعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن لأنهم كانوا أميين لا يكتب إلا القليل منهم، … فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقاً، فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدروا بذلك على تحفظ ألفاظه، فلم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بخلافها.
قال ابن عبدالبر: فبان بهذا أن تلك السبعة الأحرف إنما كان في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف وعاد ما يقرأ به القرآن على حرف واحد.
روى أبو داود عن أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبي، إني أقرئت القرآن، فقيل لي: على حرف أو حرفين ؟. فقال الملك الذي معي: قل على حرفين. فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: قل على ثلاثة. حتى بلغ سبعة أحرف. ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف إن قلت: سميعاً عليماً عزيزاً حكيماً، ما لم تخلط آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب.
وأسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من كلام ابن مسعود نحوه.)

وقد تكلم شيخ الإسلام على هذا بكلام شاف كاف لمن أراد الحق، فقال رحمه الله تعالى (مجموع الفتاوى) 13/389 وما بعدها جواباً على سؤال عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أنزل القرآن على سبعة أحرف):
ما المراد بهذه السبعة ؟.
وهل هذه القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم وغيرهما هي الأحرف السبعة ؟
أو واحد منها ؟.
وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟.
وهل تجوز القراءة برواية الأعمش وابن محيصن وغيرهما من القراءات الشاذة أم لا ؟.
وإذا جازت القراءة بها فهل تجوز الصلاة بها أم لا ؟.

فأجاب:
الحمد لله رب العالمين:
هذه مسألة كبيرة قد تكلم فيها أصناف العلماء من الفقهاء والقراء وأهل الحديث والتفسير والكلام وشرح الغريب وغيرهم، حتى صنف فيها التصنيف المفرد،..ولكن نذكر النكت الجامعة التي تنبه على المقصود بالجواب، فنقول:
لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة بل، أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد، …
إلى أن قال: ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده، بل قد يكون معناها متفقاً أو متقارباً، كما قال عبد الله بن مسعود: إنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال.
وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر، لكن كلا المعنيين حق، وهذا اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض. وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي في هذا حديث (أنزل القرآن على سبعة أحرف، إن قلت: غفوراً رحيماً، أو قلت: عزيزاً حكيماً، فالله كذلك، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة ) …
ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقاً من وجه، متبايناً من وجه، كقوله (يخدعون) و (يخادعون) و (يكذبون) و (يكذبون) و (لمستم) و(لامستم) و (حتى يطهُرن) و(يطَّهّرن) ونحو ذلك، فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها، واتباع ما تضمنته من المعنى علماً وعملاً، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظناً أن ذلك تعارض، بل كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه (من كفر بحرف منه فقد كفر به كله)…
ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعين من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين، بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب بن إسحق الحضرمي ونحوهما، كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي، فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف.
بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم يختارون قراءة أبى جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن اسحق وغيرهم على قراء حمزة والكسائي.
وللعلماء الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون ذلك في الكتب ويقرؤونه في الصلاة وخارج الصلاة، وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم.
وأما الذي ذكره القاضي عياض - ومن نقل من كلامه - من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة، وجرت له قصة مشهورة، فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف كما سنبينه.
ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة، ولكن من لم يكن عالماً بها أو لم تثبت عنده كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره ولم يتصل به بعض هذه القراءات فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه؛ فإن القراءة كما قال زيد بن ثابت: سنة يأخذها الآخر عن الأول. كما أن ما ثبت عن النبي من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك كله حسن يشرع العمل به لمن علمه.
وأما من علم نوعاً ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه إلى ما لم يعلمه، وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ولا أن يخالفه، كما قال النبي: لا تختلفوا فان من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا.
وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني، مثل:
قراءة ابن مسعود وأبى الدرداء رضى الله عنهما (والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى، والذكر والأنثى) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين.
ومثل: قراءة عبد الله (فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
وكقراءته (إن كانت إلا زقية واحدة ).
ونحو ذلك؛ فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة ؟.
على قولين للعلماء - هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد وروايتان عن مالك -:
إحداهما: يجوز ذلك؛ لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤون بهذه الحروف في الصلاة.
والثانية: لا يجوز ذلك، وهو قول أكثر العلماء؛ لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة؛ فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضى الله عنهم: أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي بالقرآن في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف …
وهذا النزاع لابد أن يبنى على الأصل الذي سأل عنه السائل وهو أن القراءات السبعة هل هي حرف من الحروف السبعة أم لا ؟.
فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة أنها حرف من الحروف السبعة، بل يقولون إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة، وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول.
وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة، وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبى بكر الباقلانى وغيره بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة، وقد اتفقوا على نقل هذا المصحف الإمام العثماني وترك ما سواه، حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها ثم أرسل عثمان بمشاورة الصحابة إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف وأمر بترك ما سوى ذلك.
قال هؤلاء: ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة.
ومن نصر قول الأولين يجيب تارة بما ذكر محمد بن جرير وغيره: من أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجباً على الأمة وإنما كان جائزاً لهم مرخصاً لهم فيه، وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه، كما أن ترتيب السور لم يكن واجباً عليهم منصوصاً، بل مفوضاً إلى اجتهادهم؛ ولهذا كان ترتيب مصحف عبد الله على غير ترتيب مصحف زيد، وكذلك مصحف غيره.
وأما ترتيب آيات السور فهو منزل منصوص عليه فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة؛ لأن ترتيب الآيات مأمور به نصاً، وأما ترتيب السور فمفوض إلى اجتهادهم.
قالوا: فكذلك الأحرف السبعة؛ فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعاً سائغاً، وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل محظور.
ومن هؤلاء من يقول: بأن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا، فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيراً عليهم وهو أرفق بهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة، ويقولون: إنه نسخ ما سوى ذلك.
وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: إن حروف أبى بن كعب وابن مسعود وغيرهما مما يخالف رسم هذا المصحف منسوخة.
وأما من قال عن ابن مسعود: إنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه، وإنما قال: قد نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة، وإنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال، فاقرؤوا كما علمتم. - أو كما قال -.
ثم من جوّز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال: يجوز ذلك لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها، ومن لم يجوّزه فله ثلاثة مآخذ:
تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة.
وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة.
وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه.
وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلاً يثبت بمثله القرآن.
وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين.
ولهذا كان في المسألة قول ثالث - وهو اختيار جدي أبى البركات - أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة وهى الفاتحة عند القدرة عليها لم تصح صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها.

إلى أن قال: وكذلك ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين، بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء كالأعمش ويعقوب وخلف وأبى جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك، وهذا أيضا مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم وإنما تنازع الناس من الخلف في المصحف العثماني الإمام الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم:
هل هو بما فيه من القراءات السبعة وتمام العشرة وغير ذلك: هل هو حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ؟ أو هو مجموع الأحرف السبعة ؟.
على قولين مشهورين:
والأول: قول أئمة السلف والعلماء.
والثاني: قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم.
وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضاً خلافاً يتضاد فيه المعنى ويتناقض، بل يصدق بعضها بعضاً، كما تصدق الآيات بعضها بعضاً.)



خاتمــــــة:
وفي الخاتمة أنبه إلى أمر وهو:
أن الرافضي إذا نقلت له ما في صحيح البخاري وغيره مما سبق ذكره على وجود القراءات هذه في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وإقرارهم عليها فهو بين أمرين:
الأمر الأول: أن يصدّق بهذه الأحاديث فيكون بين حالين:
الأول: أن يقرّ بأن هذا ليس تحريفاً فيخصم.
الثاني: أن يقول إنه تحريف مع ذلك فيرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقد التزمه بعض الروافض لعنهم الله فرموا الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريف بعض الوحي وكتمانه.
الأمر الثاني: أن لا يصدّق بهذه الأحاديث، ويقول: إنها من مصادركم - أهل السنة - وأنا لا أقبل منها شيئاً، فيقال له:
وما نقلته من زعمك تحريف الصحابة للقرآن إنما نقلته من مصادرنا، فأنت بين أربعة أشياء:
1- إن احتججت علينا بها لتصحيحك إياها، فيجب أن تصحّح هذه الأحاديث لأنها من مشكاة واحدة.
2- وإن لم تصحّح هذه الأحاديث، فلا حجة لك بتلك النقول لأنها لا تصح عندك.
3- وإن صحّحت تلك النقول، وضعّفت هذه الأحاديث فقد تناقضت.
4- وإن قلت: أنا لا أصحّح هذا ولا هذا، ولكني أنقلها من باب إقامة الحجة عليكم من مصادركم أنتم، فنحن نقول: وهذه الإجابة عليها من مصادرنا فليست لك حجة فيها على ما زعمت ولا تدل على ما ذكرت.

وصلى الله على نبينا محمد.


==================================================
الشيعة لا يتأدبون مع الله و ينسبون إليه ما ينزهون أنفسهم عنه
قديما لم يتأدب المشركون من العرب مع الله ونسبوا إليه أن الملائكة بنات الله فغضب الله من قولهم وأنكر عليهم قائلا (‏أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا) وقال تعالى (و إذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ضل وجهه مسودا وهو كظيم)

وكذلك لم يتأدب النصارى مع الله فنسبوا له الولد قال تعالى ( ‏تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أن دعو للرحمن ولدا) وكذلك نسب اليهود عزيرا ابنا لله تعالى الله عن قولهم جميعا علوا كبيرا

ثم آتانا الروافض بوجه مماثل وما أشبه حالهم بما نسبوا لله ما ينزهون أنفسهم عنه بحال مشركي العرب!!! وذلك للآتي:

قال الله تعالى ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم)

فهنا يشهد الله وكفي به شاهدا شهد برضوانه عليهم وكانوا قرابة 1400 صحابي. والسؤال هو هل الله عز وجل يشهد برضوانه على من سيكفر في المستقبل بعد وفاة نبيه صلى الله عليه وسلم؟! نحن نقول بالطبع لا و الروافض يقولون بأن رضاه ليس دليلا على رضاه عنهم كلهم وإنما المؤمنون الذين بايعوا منهم وليس كل من بايع والدليل حديث ( لا ترجعوا بعدي كفارا..) وكذلك الملائكة تذودهم عن الحوض فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابي أصحابي فتقول الملائكة لا تدري ما أحدثوا بعدك) وهذا دليل على أنهم ألصق الناس به. فهنا نحن نقول الرد من وجوه:

الوجه الأول: أنكم لم تقولوا لنا من المقصود بأصحابي أصحابي؟ نريد أسماءً في حديث صحيح صريح من عندنا لأن هذا الحديث الذي ذكرتموه من عندنا فلا يحق لكم أن تفسروه إلا بما عندنا أو بكلام علمائنا المعتبرون.

الوجه الثاني: إن قلتم لنا أصحابه الذي كفروا بعده بدليل تعميم هذا الحديث هم كأبي بكر و عمر و عثمان و الزبير و طلحة و و و فأقول لك وأين علي بن أبي طالب والسبطين وأبي ذر وسلمان و المقداد؟! لماذا لم يشملهم تعميم هذا الحديث؟! فإن قلتم لنا و لكن هم عندكم أبرار بأحاديث ثبتت عندكم من كتب السنة فنقول لك و كذلك ثبت عندنا أن أبو بكر و عمر و عثمان أعلى قدرا و برا من أبي الحسن و غيره رضى الله عنهم أجمعين.

الوجه الثالث وهو الذي سيعيدنا لموضوع الآية: أنتم تستشهدون بحديث (لا ترجعوا بعدي كفارا) والذي يرجع للكفر لا بد أنه كان مسلما في السابق بدليل أنكم تعترفون من كتبكم أنه لم يبقى بعد وفاه الرسول صلى الله عليه وسلم مسلما إلا القليل كسلمان و أبي ذر و المقداد والعجيب أنكم لم تذكروا اسم عمار بن ياسر في أحاديث مع من ثبت على الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تذكروا السبطين وفاطمة فهل أنتم تخرجونهم ممن بقى على إسلامه!؟ وهذا ليس موضوعنا.

والشاهد أنكم لا تقولون أن آية الرضوان نزلت ((فقط)) لإثبات رضوان الله عن المقداد وأبي ذر وسلمان وعلي. ولكن الشيعة تقول أن الآية تشمل أيضا الذين آمنوا بدون المنافقين ولكن مع الأسف الشديد كفر الجميع من الذين نزلت الآية فيهم حتى من كان مؤمنا بخلاف المقداد وأبي ذر وسلمان وعلي الذين ثبتوا ودليلهم الحديث (لا ترجعوا بعدي كفارا)

وهذا عدوان على الله وتجرأ على الخالق وعظمته وكماله من كل نقص لأن الله أخبر أنه رضي عنهم وشهد بذلك وجعله قرآناً يتلى إلى يومنا هذا تشهد الآيات برضوانه عنهم وأنتم تقولون كفروا فنقول لكم وهل يشهد الله برضاه عن أناس رغم أنه يعلم أنهم سيكفرون في المستقبل ويكونون أعدى أعدائه بعد وفاة نبيه؟! وهل يشهد الله برضاه في الحاضر عن ألد أعدائه في المستقبل؟!

والله إلى الآن وأنا أسأل الشيعة ولا مجيب بجواب نعم أم لا. أقول لأحدهم لو كنت رئيسا لدولة وأعطاك الله قدرة علم المستقبل ثم أنت علمت أن وزرائك سيخونونك وسيكونون أعدى أعدائك بعد عشرة سنوات هل ستقف على الملأ وتجمع الناس وتكتب مرسوما يقرئه الجميع وتسمعهم أنت بصوتك قائلا إني أشهدكم أني راض عن وزيراي وسأرفع من قدرهما عندي وسأكافئهما بأموال وقصور؟! هل ستفعل هذا!؟ والله لا يقول نعم إلا سفيه ذو غباء مخل بالعقل لأنه سيعينهم على تسلطهم عليه ويبني لهم قوة ستهلكه.

ولذلك كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل لكي لا يأتي الرجل الذي سيقضي على ملكه منهم ولكن حفظ الله موسى وجعله ينشأ في بيت عدوه قال تعالى (‏فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِين) وقال تعالى على لسان فرعون لموسى (‏قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِن عُمُرِكَ سِنِينَ)

بربكم يا شيعة هل لو كان فرعون يعلم أن هذا المولود الذي التقطه سيكون له عدوا وحزنا وسببا لزوال ملكه وهلاكه هل سيربيه ويسمنه ويغذيه حتى يشتد عوده ليرى سبب هلاكه يكبر أمام عينه يوما بعد يوم!؟ هو كان يقتل أبناء بني إسرائيل رجاء أن يكون موسى عليه السلام من القتلى ليستريح منه. لو كان فرعون يعلم بأمر موسى وهو طفل لأغرقه في اليم ولما تركهم يلتقطونه ولربما قطعه إربا إربا ليتأكد من أمر هلاكه.

فكيف يشهد الله برضاه عن أعداء المستقبل له ولرسوله صلى الله عليه وسلم و لوصيه كما تزعمون؟! أما فرعون فلا يعلم أمر مستقبل موسى عليه السلام لأنه بشر ولكن الله هو رب البشر الذي يعلم السر وأخفي ويعلم كل تفاصيل المستقبل فكيف تجيزون أنه يفعل شيئا تنزهون أنفسكم عنه؟! أما تستحون!؟

ثم إن الله عز وجل يستحيل أن يشهد برضاه عن من يسكون في المستقبل من الكفرة أصحاب النار لأن شهادة الله برضاه عنهم هي نفسها شهادته لهم بالجنة وهي شهادة وإعجاز بأنه يستحيل أن يكفر منهم أحد بعد تلك الشهادة ويستحيل أن يموتوا إلا على ملة الإسلام وكما قيل وبضدها تتميز الأشياء

نرى أن الله عز وجل أخبر بأن عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبي لهب سيدخل النار هو وزوجته والملاحظ أنه وزوجته لم يموتا إلا على الكفر وهذا إعجاز من الله لأن الله أخبر أن لهم النار وهذه شهادة سخطه عليهما وشهادته لا تتبدل ولم يحصل أن طمع الرسول في إسلامهما بل يأس بعد هذه السورة من إسلامهم رغم أن غيره من الكفار أسلم كعمر أبن الخطاب رضي الله عنه الذي قال عنه المسلمون في يأسهم من إسلامه لو أسلم حما عمر لما أسلم عمر ولكن حصل وأسلم لأن الله هو الذي يرى القلوب وأحوالها والناس لا ترى إلا الظاهر.

وكذلك تعب نوح عليه السلام من دعوة قومه ولبث فيهم 950 سنة ويالها من مدة ولكنه بقي يدعوهم إلى أن أنزل الله عليه وحيا فيع إعجاز (‏وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) إخبار فيه إعجاز بأنه يستحيل أن يؤمنوا بعد هذا الوحي لأنه لو آمن واحد منهم بعد ذلك الوحي لكان الله يقول خلاف ما أخبر في المستقبل وهذا لا يحصل البتة فالله خالق المستقبل وهو أعلم أنه لن يكون إلا ما أخبر به تماما. والسؤال هنا هل استمر نوح عليه السلام يدعو قومه بعد أن أوحى الله إليه أنهم لن يؤمنوا به؟ الجواب لا بل تركهم وبدأ يصنع السفينة والدليل قوله تعالى (‏وَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون * ‏فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ‏) سبحان الله ماذا جرى لنوح عليه السلام!؟ لماذا تغير عن ما عهده قومه منه؟! كان يدعوا قومه ليلا ونهارا ويسر لهم في الدعوة ويجهر وفعل كل ما استطاعه معهم حرصا على إسلامهم ولكن بعد خبر الوحي المعجز علم أنهم لن يسلموا فتركهم وأصبح يسخر من سخرهم الذي سيأتي عليهم بالماء من كل مكان وبعدها نار تلظى وتم أمر وحي الله المعجز تماما كما أخبر لأنهم ماتوا على الكفر ولم يسلموا قال تعالى (أغرقوا فأدخلوا نارا) فالله شهد بسخطه عليهم في كونهم لن يؤمنوا به وختم الله لهم بخاتمة سوء نعوذ بالله منها.

فإن قال قائل أنت أخطأت لأن نوح عليه السلام لم يتوقف عن الدعوة والدليل قوله تعالى (‏وَ هِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ و َنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَ كَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَ لَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ )

فأقول هو هنا لا يدعو أبنه للإسلام وإنما ظنه مسلما فأمره أن يركب معهم لينجو من الغرق و الدليل على ظن نوح عليه السلام أن ابنه كان مسلما غير كافر قوله (‏وَ نَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين) فماذا كان جواب الله له؟ أخبره الله بما في قلب ابنه من الكفر الذي لم يعلمه نوح عليه السلام ولكن الله يعلم ما تخفي الصدور فقال (‏قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِين) فقال نوح عليه السلام (‏قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِين) فهنا استغفر نوح عن هذا السؤال لأنه كان يدعو لكافر وهم لا يعلم فلو علم نوح أن ابنه كافر لما دعاه لسفينة النجاة أصلا.

وهنا نقول لماذا لم يخبر الله نبيه عن أعدائه الملتصقين به كما يزعم الروافض كالصديق والفاروق وذو النورين وغيرهم على وجه التعيين كما عين الله ابن نوح لنوح عليه السلام وعين الله أبو لهب وعين الله زوجته وعين الله رأس المنافقين في حياته حتى بهد دفنه وقال تعالى ناهيا رسوله (و لا تصلي على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم كافرون)

لماذا لم يشهد الله برضوانه على رأس المنافقين كما فعل للـ 1400 صحابي؟! الجواب لأنه لم يرضى عن فعله ولم يوفقه ليكون مع الـ 1400 صحابي من الذين بايعوا تحت الشجرة. لماذا لم يبشره الله بالجنة ويرضى عنه!؟ أقول لم يبشره الله بالجنة ولم يرضى عنه لأنه يعلم أنه في المستقبل لن يموت إلا على الكفر والعداء لله ورسوله ويقلب للنار والعار ولكن الله عز وجل بشر الـ 1400 لعلمه أنهم لن يموتوا إلا على ملة الإسلام التي لا يرضى الله إلا عن من كان عليها.

وكذلك أخبر الله إبليس بسخطه عليه قائلا (و إن عليك اللعنة إلى يوم الدين) فهل يجوز لمجنون أن يقول لنا لماذا لا ندعو إبليس لعله يسلم!؟ نقول له الله أخبرنا أنه لن يسلم وعليه لعنه الله ليوم الدين وسيكون من أصحاب النار كما أخبر الله (‏وَ قَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم) وأنت تقول لنا ندعوه لعله يسلم؟!

الذي يزعم أن الله سيرضى عن إبليس وسيرحمه وأن إبليس سيسلم ويتوب إلى الله وسيدخله الله الجنة فهو كافر بما أخبر الله متهما لله في علمه للمستقبل وقوله على أن الأمر سيحصل خلاف ما أخبر عنه في المستقبل.

ويقول الروافض أنه حصل أن بايع المنافقون في بيعات أخرى متفرقة وهنا مثل هناك فنقول لكم يا مفترون وهل شهد الله هناك برضوانه عنهم حتى تقارنون تلك البيعات بهذه التي أخبر الله رسوله عن علم قلوبهم؟! لا وجه للمقارنة.

ويقول الروافض أن الله لم يرضى عن كل من بايع وإنما المؤمنون منهم فقط لوجود المنافقون بينهم كأبي بكر وعمر. وهذا ما قاله مفسرهم القمي المشهدي في كنز الدقائق في تفسير هذه الآية وصرح بنفاق الشيخين.

فنقول لهم وهل عثمان منافق معهم أيضا؟ أنتم تقولون نعم عثمان كان منافق والسؤال هو أنكم تعترفون أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في تفاسيركم لهذه الآية كالجوهر الثمين وغيره كثير في تفسير هذه الآية تعترفون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدعو للبيعة إلا بعد أن ضن أن قريش قتلت عثمان فهنا نقول لو علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن عثمان ما قتل هل سيدعو للقتال؟! والجواب عندكم يا شيعة من كتب تفاسيركم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما دعى للبيعة إلا لإشاعة قتل عثمان وهذا كان هو السبب الرئيسي لتلك الدعوة للبيعة فنحن نقول بالله عليكم يا شيعة هل الرسول صلى الله عليه وسلم يغضب ويدعو للقتال والبيعة انتقاما على قتل منافق كما تزعمون في عثمان؟! ولماذا أصلا يرسل الرسول صلى الله عليه وسلم منافقا يفاوض عنه في مكة؟! أليس عثمان لكونه منافقا كما تزعمون قد يخبر قريش بكل ما يجب أن لا تعلمه قريش من أمر المسلمين! أنتم تعلمون أن هذا المنصب لا يعطي إلا لأمين على دين الله فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم استأمنه فكيف تتهمونه بالنفاق! فإن قلتم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم نفاقه نقول لكم وهل أنتم علمتم نفاقه ونفاق الشيخين رغم أنكم لم تعاشروهم وخفي ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخالطهم ليل نهار! الله أعلمه بالوحي نفاق رأس المنافقين أبي بن سلول فهل الله عز وجل أخبر رسوله بأبي بن سلول ونفاقه وترك إخبار رسوله بالذين هم أخطر على الإسلام منه؟! الدليل على أنكم تزعمون أنهم أخطر من أبن سلول أنكم تنسبون لهم خرابا للدين لم يفعل أبن سلول عشر معشاره في هدم الدين. ثم لماذا يبايع على بن أبي طالب على هذه البيعة وسببها انتقاما لمنافق!؟

هل لو قتل فرعون هامان لدعى موسى عليه السلام البيعة انتقاما لهامان؟ المنافق هو كافر أيضا وأخطر منه فإن قلتم لنا مكررين نفس الاسطوانة هو منافق والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم نفاقه نقول لكم ولكن لماذا لم يخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن عثمان منافق كافر كما أخبر الله نوحا عليه السلام بأن ابنه كافر (‏قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)؟! فإن قلتم لنا إن الله مدح المبايعين الخلص على الصدق للتضحية وليس نصرة دم عثمان قلنا لكم أن الله تعالى قد جعل لكل شيء سببا كما في قوله (فأتْبَعَ سببا) و سبب هذه البيعة إشاعة قتل عثمان فلماذا يجعل الله مدحا ورضوانا للمبايعين سببه دم منافق؟ والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان سيقاتل قريش ولكن عندما علم أنهم لم يقتلوا عثمان توقف عن عزمه وصالحهم باعترافكم أنتم ولو كان الأمر لغير سبب عثمان لقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لو لم يقتلوا عثمان.

فإن كان الله عز وجل رضي عن الذين بايعوا رسوله لسبب دم عثمان رضي الله عنه فالله عز وجل من باب أولي أن يرضي عن عثمان الذي ما تحرك الرسول لدعوتهم للبيعة إلا لسببه.

أقول لإخواني السنة وهذه نقطة مهمة نفيسة يا حبذا لو تأملها المتأملون فإني والله استنبطتها استنباطا ولم أقرأها من كتاب فيما أعلمه فإن وجدتم في كلام علمائنا الجبال الذين يردون على الرافضة ما يخالف قولي فنبهوني للأمانة والمستشار أمين.

وقال لي رافضي ألا تؤمن بقوله تعالى (و لقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لأن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين) وأنا فهمت أنه يستدل بهذه الآية على أن المبشر بالرضوان قد يلحقه الخسران في المستقبل بنص هذه الآية فأقول:

إن هذا دليل منكوس كخيط العنكبوت بل أهون منه لأنه لم يكن رسولا من الرسل قد انتكس وأشرك بالله لأن الله لا يختار إلا الأفضل من البشر رسلا له كما قال تعالى (و الله أعلم حيث يجعل رسالته) فالله يعلم المستقبل في أنهم لن يخذلوا رسالته ويعاونا الشيطان لأن الله يعصمهم فإن كنتم أنتم أيها الشيعة تعترفون بعصمة الأنبياء والرسل فهل أنتم تشكون أن الله سيعصمهم من الشرك!؟ بالطبع إن الله عز وجل يعصمهم من الشرك لأن الشرط أعظم من الإصرار على شرب الخمر مثلا فإن كان الله عز وجل قد عصم رسله من شرب الخمر والزنا فعصمته لهم من الشرك من باب أولى لأن الشرك أخطر من الزنا وشرب الخمر. ثم إنه لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجوز عليه الشرك فنحن نلزمكم أن تلزموا على رضي الله عنه بجواز الشرك عليه لأنه ما أسلم إلا على يديه فإن عبتم وأجزتم الشرك على المصدر البشري الأول للرسالة بعد انقطاع الرسل فتطرق العيب لمن هم دونه من باب أولى.

فإن قلتم فما المقصود من الآية إذا!؟ فنقول لكم إن الخطاب الرباني إن وجه للرسول صلى الله عليه وسلم فهو خطاب لأمته فإن الله عز وجل يخاطب أعلى منزلة بشرية وهم الرسل بهذا الكلام فيتبادر لقلوبنا فورا أنه إن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب هكذا فما يكون حالي لو أشركت؟ فيكون لسامع تلك الآية أشد زجرا ونهرا وتحذيرا عن الوقوع في الشرك لأنه الرسول الذي هو رسول يخاطب بهذا فما بالنا نحن! وهذا اسلوب قرآني عظيم يستعمله الله عز وجل في موعظة الأمة التابعة لرسولها ومثاله آيات أخرى كقوله تعالى (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ...) إلى آخر الآيات فنقول هل هنا حرم الله الخضوع بالقول على أمهات المؤمنين وأحله على بقية النساء! بالطبع لا فإن كان الله عز وجل يعض من هم أشرف النساء في العفة والطهارة فموقع الوعظ يجب أن يكون على الذين هم دونهن من باب أولى وقعه أشد فتقول إحدى نساء المسلمين الله عز وجل يعض الطاهرات فما بالنا نحن. فتزيدها تلك الآيات بعدا عن المحظور والدليل أيضا على أن الخطاب الذي للرسول يوجه للأمة أيضاً قوله تعالى (و لا تصلي على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم كافرون) فهنا نحن لا يجوز لنا أن نصلى على المنافقين والكفار ولا يجوز أن نصلى ونقول إنما النهي كان للرسول صلى الله عليه وسلم وليس لأمته وأنتم تعترفون بهذا يا شيعة.

ثم نحن نقول هذا الأسلوب استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم في وعضه للناس (لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) فهل يعني هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يلمح أن ابنته ستسرق في المستقبل وهو يهددها؟! لا والله بل زجرا للسامعين فكلهم سيرتدع ويقول هو سيقطع يد ابنته لو سرقت رغم أنها ابنته فكيف بنا نحن ولا قرابة بيننا وبينه! فنحن نقول الله عز وجل يقول هذا لرسله فكيف بنا نحن!

وهذا الكلام أشبه بقوله تعالى (و لو تقول علينا بعض الأقاويل لقطعنا منه بالوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين) فهل معني هذا الكلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تقول على الله! بالطبع لا لأن الله لم يقطع من الوتين فهذه الآية والتي قبلها لا تنافي حصول ما أخبر الله عن صيرورته لنبيه من بلوغه أعلى المراتب في الجنة وكذلك آية الرضوان تشهد بأنهم سيصيرون للجنة جمعنا الله بهم بحبنا لهم.

فحديث الذود عن الحوض لا يكون للـ 1400 من الذين بايعوا وإنما غيرهم من الذين كفروا و ارتدوا فالصحابي تعريفه كل من اجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم وآمن به ومات على ذلك. والملاحظ أن الذين كفروا هم الذين حاربهم الصديق رضي الله عنه فهم كانوا مسلمين وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم و اجتمعوا به وبايعوه وآمنوا به ولكن انقلبوا ولم يموتوا على ما بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وماتوا كفارا لأنهم منعوا الزكاة ولذلك استحل أبو بكر دمائهم لأنهم خالفوا شروط شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله لأن الزكاة من حقها. فالدين ليس فيه تؤمن ببعض وتكفر ببعض ولذلك منهم من قال بل المفروض أن الزكاة لا تدفع إلا للرسول صلى الله عليه وسلم أما بعد مماته فلا زكاة.

فهل الله عز وجل أنزل آيات الزكاة والرسول شرحها تفصيلا بالسنة هل هذا فقط لوقت حياته! بالطبع لا لأن الله عز وجل شرع دينا ليس بعده شرع آتي وهو لكل الأجيال القادمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالله لم يشرع الصلاة فقط بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم.

والعجيب أن الروافض نسوا وتناسوا كلا المرتدين عن الإسلام من العرب من الذين حاربهم الصديق ولم يصرحوا إلا بالصحابة الباقون على الإسلام و اتهموهم بالكفر والأعجب منه أنهم أخرجوا علي و المقداد وسلمان وأبو ذر من هذا التعميم بدون دليل من الحديث الذي هو من عندنا بما استشهدوه علينا!

وفي نهاية المطاف أقول في هذه الآية يخبر الله عز وجل ويشهد برضوانه عنهم ثم يتنطع الروافض ويقولون بل سيكفرون ويكونون أعدائنا لله في المستقبل. وينسب الروافض لله ما ينزهون أنفسهم عنه فنعوذ بالله من قولهم ونبرأ لله منهم.

ومن المفسرين الرافضة الذين يقولون ويتزعمون هذا الكلام مجاهرة وتصريحا الطوسي الذي يقول في تفسير هذه الآية في التبيان في تفسير القرآن ما نصه (و لم يمنع وقوع الرضى في تلك الحال من مواقعة المعصية في ما بعد ، فما الذي يمنع من مثل ذلك في غيره) فهو هنا يقصد عصيان الكفر المخرج من الملة وليس العصيان الذي لا يكفر به بدليل أنه يستشهد في تفسيره بتكفير طلحة و الزبير لأنهم قاتلوا عليا وعند الشيعة كل من قاتل عليا فهو كافر كفرا مخرجا من الملة نعوذ بالله من قولهم الجريء على الرب الشديد العقاب ومن اتهامهم له في علمه المستقبلي.

و سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك